التربية الجمالية
الزيارات:
الزيارات:
تُعْنَى التربية في الوقت الحاضر بتنمية ذوق الإنسان وتنشئته على حب الجمال وتقديره في كل مظاهره، فالشعور بالجمال أكبر نعمة، وتربية الذوق خير ما يقدم إلى الناشئ حتى من ناحية تقويم أخلاقه، فإنَّ الذوق الجمالي إذا شاع في مكانٍ شاعت فيه السكينة والطمأنينة ونعومة المعاملة وجمال السلوك، وإنْ انعدم في مكان خشنت المعاملة وساء السلوك وكثر هياج الأعصاب واضطرابها.
واستعان الإسلام –كمنهج تربوي- في تهذيبه للنفس البشرية بألوان عدة من أنماط التربية؛ ويُعَد الجمال من أكثر أنماط التربية تأثيراً على النفس وإطراباً لها، تهش له بفطرتها وتلتقي روحها بروحه في ألفة ومحبة؛ لذا فإنَّ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يحثان على التمتع بجماليات الوجود، بل يشجعان على الإنشاء الجميل ما لم يتعارض مع مبدإ رئيس هو التوحيد الخالص، ومن ثم لفت الإسلام نظر المسلم إلى متاع الدنيا ليأخذ منها بما لا يتعارض مع حكم يقع في دائرة المعاملات والأخلاق مذكراً أنَّ الدين المعاملة.
أي أنَّ الإنسان السوي المتكامل الشخصية هو الذي يحرص على تناغم دائرة المتعة الفردية ودائرة الأخلاق مع الدائرة الكبرى وهى دائرة التوحيد، ولا يصدر منه قول أو فعل يجعل بين هذه الدوائر تعارض، ومن ثم كانت دعوة الإسلام إلى تنمية الذوق الجمالي من خلال منهج علمي تربوي يغذى الروح والعقل والحواس بكل ما يُعلى الذوق، ويرقق الحس، وتتناغم به المشاعر مع الوجدان وذلك من خلال التربية الجمالية.
وتجمع كثير من الدراسات العلمية على أهمية التربية الجمالية خاصة للطفل في الجوانب المختلفة، ففي الجانب الإبداعي تفتح له آفاقاً أوسع للتفكير والابتكار، كذلك تنمى لديه الإحساس الإنساني وقيم التحليل المنطقي لجميع ما يواجهه في حياته، والتربية الجمالية تكبح الجموح لاستخدام العنف اللفظي أو الجسدي لأنَّ الممارس للتربية الجمالية يُصْبح كائناً اجتماعياً متفاعلاً مع محيطه في حدود الحوار الهادئ، ولذا يُمْكن القول بأنَّ تربية الطفل منذ صغره تربية جمالية شيء هام لتربيته تربية شاملة متكاملة الجوانب. ويعرض الباحث لمفهوم التربية الجمالية على النحو التالي:
التربية الجمالية : تعبير يُقْصَد به الجانب التربوي الذي يرقق وجدان الفرد وشعوره، ويجعله مرهف الحس، ومدركاً للذوق والجمال فيبعث ذلك في نفسه السرور والارتياح، فيرتقى وجدانه وتتهذب انفعالاته، وكل هذا يساعد على قوة الإرادة وصدق العزيمة عنده، ومنذ عهود طويلة أحس الناس أهمية الجانب الوجداني الجمالي حتى أنَّ حكمة صينية قديمة قالت: إذا كان معك رغيفان من الخبز فبع أحدهما واشترِ به باقة من الزهر، ومعنى ذلك أنَّ الاستمتاع بجمال الطبيعة يسد حاجة نفسية عند الإنسان لا تقل أهمية عن الرغيف الذي يسد حاجة جسدية عنده.
أي أنَّ التربية الجمالية هي التي تجعل الإنسان ينعم بالحياة، لأنَّه من خلالها يُدْرِك أنَّ سر الحياة السعيدة والناجحة يكمن في حرصه على أنْ يرى ما فيها من مظاهر الجمال والذي ينعكس على سلوكه فيُصْبح مرهف الحس، رقيق الوجدان، مهذب الانفعالات.
وتعْنِى التربية الجمالية: رعاية النشء منذ حداثة سنهم لتذوق الجمال والعيش في كنفه، وإيجاد ظروفه واستخدامه كأداة عدوى لسائر الأفراد ليشبوا في ألفة لا تنقطع بقيم الجمال في كل مرافق الحياة، ويرى أفلاطون أنَّ المجتمع يجب أنْ يزود بالموهوبين من الفنانين الذين يشكلون الحياة ويخلقون البيئة الجمالية التي يترعرع فيها الناشئ، فيتعود أنْ يشم النسمة الصافية والعطر مما حوله منذ نعومة أظافره حتى إذا شب ونسي المصدر فلا بد له أنْ يتعرف على مسببات الجمال الذي آخاه حين كان صغيراً، ويُصْبح أحد رواده الذين يعيشون به في الكبر.
ويتضح من التعريف السابق: أنَّ الفرد – الناشئ- حينما يعتاد على رؤية الجمال والإحساس به صغيراً فإنَّه سيلفظ القبيح و يستهجنه، بل و سيثور عليه و يحاول أن يستبدله بكل ما هو جميل، ويكون ذلك في كل مناحي الحياة مادية كانت أم معنوية.
ووضع أفلاطون فكرة رائدة للتربية الجمالية بمفهومها الشامل، فقد تصور الفنانين في جمهوريته أنْ يكونوا من النوع الموهوب ليستطيعوا تشكيل ذوق المواطنين في كل مرافق الحياة على مستوى رفيع، أما الفنانون الذين ليس لديهم هذا المؤهل"الموهبة" فيطردهم أفلاطون من جمهوريته، لأنَّهم سيتصدون للذوق العام بلا كفاءة وسيفسدونه، ونظراً لأنَّ الذوق وتقدير الجمال من الأمور المرتبطة بالفضيلة وبعمل الصالح فإنَّ هؤلاء الفنانين سيكون إسهامهم مفسداً وبالتالي يشيعون الأخلاق الفاسدة بين الرعايا فيتأثر تكون الجمهورية الفاضلة أيما تأثر.
ولم يكتف أفلاطون بالنظرية بل تبعها بمنهج تربوي يستند إلى الإيقاع والتوافق الذي تيسره الموسيقى، وربط بين عملية التسامي التي تحدث في اكتساب النشوة من خلال الإيقاع والتوافق الموسيقى إلى التسامي بروح الصغار الذين يحاطون بالأنغام الجميلة والأعمال المبتكرة منذ حداثة عهدهم وهم لا يزالون خضرا، أي أنَّهم يكونون في الوضع الذي لا يعي تماماً بما هو حادث، ولكن ما يلبث هذا الصغير أنْ يكبر وينضج والجمال مازال هو العامل المغلب في حياته ويحوم حوله، عندئذ أي حينما يكبر سيتعرف الناضج على صديقه الجمال الذي نبت في أحضانه ولم يكن يدرى، أما الآن فهو يدرى ويتعقل ويدرك قيمة هذا الجمال الذي سيرعاه ويحبه ويشكر الظروف التي .
إذن يمكن القول بأنَّ التربية الجمالية حسب نظرية أفلاطون تعْنِى: توظيف كل أنواع الفنون لتنمية الإحساس بالجمال من كل زواياه فيدركه الفرد في كل الميادين.
ويُقْصَد بالتربية الجمالية أيضاً: إيجاد الحس الجمالي لدى الناشئين، وتدريبهم على ترقية هذا الحس حتى يشعر الإنسان بما يحيط به من جمال الكون وجمال الحياة الإنسانية، بل جمال الإنسان نفسه في خَلْقه وخُلُقه وأقواله وأفعاله، لأنَّ الإنسان الحق –المستقيم على فطرة الله- أجمل ما خلق الله، وأكرم على الله من كثير من خلقه.
ويرى الباحث أنَّ الناشئ إذا كان سليم الفطرة فإنَّه عندما يرى الجمال ويتذوقه يأخذ منه ما يساعده على أنْ يصبغ حياته كلها بهذا الجمال، وعندما يفعل ذلك يُصْبح جميلاً في قوله، وجميلاً في فعله، وجميلاً في مسكنه، وجميلاً في مطعمه ومشربه، وجميلاً في هيئته فيحقق لنفسه السعادة والرضا، وكذلك يحققها لمن يتعايش معه من بني جنسه، ومن أصناف المخلوقات الأخرى.
والتربية الجمالية لا تقل أهمية عن التربية الروحية أو التربية الخُلُقية أو التربية العقلية أو التربية الجسدية، لأنَّ كل أنواع التربية تهتم بالإنسان وهو روح وجسد، وخلق وعقل، وحس جمالي بنفسه وبما يحيط به.
وتُعَرَّف التربية الجمالية بأنَّها: تلك التربية التي تهدف إلى إنماء عاطفة الجمال الكامنة في النفس، وذلك يحدث عن طريق تقديرنا للجمال، وإنتاجنا لهذا الجمال– أي ابتكاره-.
وتتصل التربية الجمالية بالتربية الخُلقية، فالطفل الذي تبلورت في ذهنه العاطفة الجمالية وقدرها يتطلع إلى مثالية سامية ، مثالية (الحق والخير والجمال)،فيصور الفضيلة في شكل جذاب يناسب أنْ يصير خُلقاً فيه، كما يصور الرذيلة في شكل قبيح لا يستسيغ التخلق به؛ وللتربية الجمالية أيضاً صلة بالتربية الاجتماعية، حيث إنَّ الشعر والغناء يعبر عما يمس المجتمع والبيئة بما يساعد الفرد على الاندماج في بيئته الاجتماعية، كما يعد الطفل الإعداد الخاص الذي من شأنه أنْ يجعله أكثر تفاعلاً مع البيئة والمجتمع.
ولا يختلف تعريف جون ديوى للتربية الجمالية عن التعريفات السابقة، فالتربية الجمالية عنده هي التي ترمي إلى إنماء عاطفة الجمال الكامنة في النفس وذلك عن طريق تقديرنا وإنتاجنا للجمال، لأنَّ التربية الجمالية فضلاً عن تنميتها القدرة على تقدير الجمال تعمل على تشجيع الأفراد على الابتكار والإبداع شريطة أنْ يتوفر فيهم هذا الاستعداد.
وتعْنِى التربية الجمالية : النشاط الذي يهدف إلى تنمية الفرد المتمتع بقدرة خاصة على تذوق القيم الكامنة في الحياة، واكتشاف ألوان وأشكال الثراء الباطنة في أعماق الوجود.
إنَّ مفهوم التربية الجمالية هو حصيلة لقاء بين التربية وعلم الجمال، وبناءً على هذين المفهومين فإنَّ التربية الجمالية تعنى: "تلك الطرق والوسائل التي تتخذها الإدارة التعليمية لتنمية الحس الجمالي لدى الطفل من خلال العمل الفني" .
ويحدد "هربرت ريد" بوضوح كامل مجال التربية الجمالية في النواحي التالية
1-التربية البصرية:
2- التربية التشكيلية:
3- التربية الموسيقية:
4- التربية الحركية:
5- التربية اللفظية
6- التربية الفكرية
ولا يكتفي هربرت ريد بتحديد مجال التربية الجمالية بل يحدد وظيفتها وهى: التوفيق بين الحواس وما حولها من بيئة موضوعية. 2- التربية التشكيلية:
3- التربية الموسيقية:
4- التربية الحركية:
5- التربية اللفظية
6- التربية الفكرية
ولقد عنى القرآن الكريم بالجمال والتربية الجمالية عناية واضحة، فالله سبحانه وتعالى خلق كل ما هو جميل، خلق الإنسان في أحسن خِلْقة وأكمل صورة، ثم خلق كل ما يحيط بالإنسان في الكون في صورة جميلة يراها الإنسان ويمعن النظر فيها ويتمتع بما فيها من جمال، فالسماء جميلة وقد زينها الله تعالى للرائي، وجعلها متناسقة، والإنسان إذا نظر في الكون وفي السماء وما فيها من كواكب متناثرة رأى أجمل منظر تقع عليه العين ويمكن للإنسان أنْ ينظر وأنْ يطيل النظر والتأمل بدون أنْ يمل، والمتأمل في الأرض يجد الجمال في كل ما تقع عليه عينه يجده في الزرع النامي، والثمر اليانع والجنان الوارفة، في النبتة التي تخرج من ظلام الأرض إلى نور الحرية، كما يجده في امتلاء الغصن بالورق الأخضر والثمار الناضجة، وهذه المناظر الخلابة تعطى للإنسان إحساساً بالحياة والجمال .
التسميات:
الفنون السبعة,
دروس,
مقالات
بقلم الياس معاد
إسمـي الياس معاد مـن مواليـد سنـة 1989 ،بلـدي هـو المغرب، أهتم بمجال الفنون كلها بحكم مساري الدراسي و شغفي بالفنون السبعخريج الجامعة المتعددة التخصصات بورزازات شعبة التقنيات السمعية البصرية ; و السينما تخصص الصوت و الصورة خريج المعهد المتخصص في مهن السينما شعبة محرك آلياتي وكهربائي -أستاذ التعليم الابتدائي بورزازات -طالب باحث في المدرسة العليا للأساتذة بماستر التعليم الفني و التربية الجمالية بمكناسروابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
URL | |
HTML | |
BBCode |
0 التعليقات:
إرسال تعليق