اختر لون الخلفية المفضلة لديك

في لوحة ( دالي ) هذه نجد أن أشكاله قد تراوحت فيما بين أن تكون محرفة كلياً وجزئياً، إذ نجد هياكل عظمية يصعب الاستدلال على جنسها بينما توجد أشكال إنسانية يمكن التعرف على حقيقتها أو الأصل الذي ترجع إليه، كذلك نجد أن اللون قد حرف كلياً عن ارتباطاته في الواقع، ولم يقتصر التحريف على الأشكال والألوان، وإنما امتد ليشمل حتى بعدي الزمان والمكان، إذ حرفا تحريف جزئي حيناً فيما حرفا كلياً في موضع آخر. إنَّ ما يميز هذا العمل الفني هُوَ كثرة الوحدات التصويرية، سواء كانت شخوصاً أم هياكل أم آدمية، غير أنها لم تأتي أو تتجسد على وتيرة واحدة ؛ بل كانت متكررة تكراراً منوعاً أكسبها طابعاً جمالياً إضافياً ؛ فضلاً عن ذلك، التكرار المنوع في اللون نفسه، فبدا المشهد كله وكأنه حلم يثير في النفوس رعباً ودهشة في آن واحد، وعلى الرغم من تباين المشهدين في أقصى يسار ويمين اللوحة، إلاّ أننا نلحظ ذلك التماثل الجزئي في بنية، اللوحة، إذ توسط وجه الشبح منتصفها وهو ما أظهر ذلك التوزيع المتماثل لبقية المشاهد، فيما اختار ( دالي ) أن يوزع أشكاله توزيعاً مركزي، وأن يجعل الشكل المركب والمفردة المركبة وضعاً مثالياً لأشكاله، فضلاً عن إكثاره من بعض الوحدات، والإقلال من الأخرى، واستطالة أو تقصير... الخ، من الأشكال في اللوحة لتأكد غرضه التصويري، فيما بدا شكل الوجه ( الشبح ) شفاف وعلى نحو لم يحجب معه ضفة الساحل، العمل الفني بشكل عام يفصح عن تلك النوازع والصراعات اللامتعينة والتي جسدها الفنان وكأنها حلم مرعب، وعلى نحو تفصح من خلاله عن مكنونات اللاشعور الجمعي الذي تتنقله الإنسانية بشكل متوارث، وهو فضلاً عن ذلك الشكل المخيف، فهو بالنسبة له عبارة عن أشياء وأرواح مخيفة تصيح بها الطبيعة، إذن فبالإمكان القول بأن هذه اللوحة جاءت لتجسد بعض أو جانب من الرعب الذي سرى في الحياة البدائية، والذي يسري باللاشعور في روح الإنسان المعاصر.
 -منقول-

0 التعليقات:

إرسال تعليق