الجمعة، 9 يناير 2015

ما وراء التحرش

ما وراء التحرش
الصراع الأزلي بين "الذكر" والأنثى" أو بعبارة أخرى بين "عنفوان المرأة " و"كبرياء الرجل" يشكل أحد لحظات هذا الوجود. فتجلى مؤخرا في جدل حول التحرش، وانساق الجميع إلى الاصطفاف إما إلى جانب حرية الأنثى، والطرف الأخر اصطف في جانب أنهن يمارسن تحرش رمزي يتمظهر في الإثارة في الشارع، كنتيجة لهذا تم تصوير مؤخرات لبعض النساء، وهذا يثير في النفس الاشمئزاز إلى ما وصل إليه النقاش بخصوص التحرش، فكل فريق يصف الأخر بأنهم حيوانات.
لسنا هنا بصدد تأجيج الصراع، وإنما نحاول الوقوف عند ما أغفله البعض، فمن الممكن التعبير ببساطة عن التكامل التي يشكله هذا الثنائي (الأنثى والذكر) في هذا الوجود، ولعل هناك جانب أخرر لهذا الصراع هو الحب، فكل واحد يميل للأخر، ويصفه بتوءم الروح وغيرها من الصفات. نعود للحديث عن صراع التحرش.
وقع كلمة "التحرش" على الآذان ثقيل جدا. فمعناه الاستفزاز وإثارة الحفيظة، فتعرض الأنثى للمضايقة والاستفزاز في الشارع بغرض استمالتها والحديث معها، هو سلوك غير مقبول، لكنه يقع. والغريب في الأمر أن هناك تمثلات تخفي الشيء الكثير، فهناك من يقول يجب التحرش بالفتيات من أجل رفع معنوياتها لكي تحس بأنها أنثى وعلى قدر كبير من الجمال والإثارة، نلمس هنا شرعنة التحرش أي أن الفتيات يستمتعن بهذه المضايقات وأن نفسيتهن تهتز إذا لم يتحرش بها أحد. هي أكيد ثقافة تضفي الشرعية على سلوك غير سوي، سلوك له حقله اللغوي.
في الجانب الأخر أي ما تمارسه الأنثى على الذكر، كالاستفزاز يطرح أن الرجال يشكلون الجنس الأضعف فهم أولى بالحماية. أي أنهم لا يتمالكون أنفسهم وهم يرون مشاهد كرد فعل عليها يتحرش بالأنثى. هناك مثير تم استجابة. حسنا في هذه الحالة نقترح كتاب "ما وراء الحجاب الجنس كهندسة اجتماعية" لفاطمة المرنيسي  لمحاولة فهم  الموضوع. ما يهمنا هنا هو الدور الذي تلعبه المرأة في الحياة الجنسية، فنجد في هذا  الكتاب أن "قاسم أمين" يرى في مسألة عزل المرأة وفرض الحجاب كأساس للتفريق بين الجنسين، أن المرأة أقدر من الرجل على التحكم في ميولها الجنسية، وبالتالي فإن الفصل بين الجنسين طريقة لحماية الرجل وليس المرأة. هذا الطرح يفتح باب التساؤل عن هذا الخوف في هذه المجتمعات، فالنساء لا يحبذن الحجاب ويتحملنه مكرهات. ليتم الاستنتاج أن مصدر الخوف هي الفتنة، التي تعني افتقاد النظام و الفوضى، وكذلك تعني المرأة الجميلة، فالشيء الذي سوف يحميه هو الحجاب المفروض على المرأة، يحميها من عزيمة الرجل الضعيفة، وعجزه عن ضبط نفسه والتحكم في هواه.

في أخر المطاف نرى أن التحرش صراع، من أجل إبراز الذات، من أجل الاعتراف، صراع قد يكون بأسوأ الطرق، حيث يضفي كل فريق بألفاظ وصفات حيوانية على الأخر. وقد يأخذ مسار مرضي. وبالتالي علينا التعبئة بتضافر الجهود من أجل الرقي بالنقاش والدفاع عن وجهة نظر كل واحد. في حدود عدم المساس بالأخر. والاعتراف به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق