أهمية النقد الفني في التربية الفنية
الزيارات:
الزيارات:
أهمية النقد الفني في التربية الفنية
بقلم/ أ. طارق بكر قزاز لقد أصبح من المعروف أن النقد والتذوق الفني من ميادين التربية الفنية ذات الاتجاه المعرفي المعروف بـ(DBAE) ولا ينفصل مفهومي النقد الفني وعلم الجمال (التذوق الجمالي) عن بعضهما ولا عن ميادين الإنتاج الفني وتاريخ الفن، عند دراسة الفنون، ذلك أن العلاقة بين هذه الميادين المعرفية قوية جداً، ويعتمد كل منها على الآخر، فالنقد الفني أساسه تقدير الإنتاج الفني، والتذوق هو الإدراك بواسطة الحواس لمكامن الجمال في العمل الفني. ويُستخدم مصطلح التذوق الفني للدلالة على كينونة الإدراك الحسي بالجمال، ويكون النقد الفني هو أداته للتعبير عن ذلك الإحساس من خلال العبارات النقدية المكتوبة أو المنطوقة لإيضاح جماليات العمل الفني. ويعد علم الجمال الأساس النظري الذي ينشأ عن مخرجات الفكر العام للنقد والتذوق الفني لفنون من الحضارات المختلفة عبر الزمان. (قزاز، 2001، ص27-32) يقول البسيوني (1986): "الأصل في النقد الفني أن يكون مدخلاً للتذوق والاستجابة للقيم الجمالية في العمل الفني." (ص68) إذ يعد النقد الفني عملية تحليلية تمكن الشخص الناقد من جعل الأشخاص غير القادرين على تذوق الأعمال الفنية، أن يصبحوا قادرين على إدراك القيم الفنية والجمالية التي تؤدي إلى الرؤية الفنية الصحيحة. حيث يختلف الأشخاص في إدراك الجمال في الظواهر والأشكال، باختلاف النشأة والبيئة الطبيعية والاجتماعية. وعن طريق النقد والتذوق الفني في التربية الفنية يتم صقل الخبرات الجمالية عند الطلاب حتى يكونوا قادرين على تذوق الجمال بالطرق الصحيحة، ويتم تطوير قدراتهم على التعبير عن التجارب الجمالية من خلال المشاهدة ولفت الانتباه للتعرف إلى القيم والعلاقات الجمالية وتنمية الإدراك الحسي وتطوير قدراتهم في استخدام خطوات النقد الفني للتعبير عن القيم والعلاقات الجمالية في البيئة والطبيعة والفنون. وينظر الكاتب إلى مفهوم النقد والتذوق الفني كمتلازمة لا تنفصل لتشكل محوراً يرتكز عليه للتعريف عن مدى أهميتهما في التربية الفنية. كانت الستينات من هذا القرن هي بداية الاهتمام بتعليم النقد الفني ضمن التربية الفنية في الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك عندما عقدت حلقة دراسية عن نقد الفن في جامعة أوهايو عام 1966. وكان لهذه الحلقة أثر كبير في تغيير الاتجاهات في تدريس النقد الفني ضمن مادة التربية الفنية في المرحلة الثانوية. وكان من أهم المشاركين إدموند فيلدمان Edmund Feldman ويوجين كلين Eugene Kaelin وديفيد ايكر David Ecker، وكان هدف هذه الحلقة هو الدعوة إلى جعل دراسة تاريخ الفن وفلسفته ونقده، وسائل لتعليم التذوق في المدارس الثانوية الأمريكية. وقد أسفرت هذه الحلقة عن دراسة كبيرة للنقد والاهتمام بتاريخ الفن والفلسفة الجمالية في منهج التربية الفنية. واعتبر أن ما يقوم به المدرس داخل الفصل هو بالضرورة شكل من أشكال النقد الفني، فالمدرسون يصفون ويحللون ويفسرون ويقيمون الأعمال الفنية ويتخــذون من النقــد والمــذاهب الفنيــة وسيــلة لتعليــم أسس التذوق والإنتاج الفني. (Cromer 1990, P.43) إن أحد أهداف التربية الفنية هو تحقيق النمو الشامل والمتكامل لخبرات ولشخصية المتعلمين. ويعتبر التذوق الفني وتقدير الفن (Art Appreciation) من الأمور التي يمكن أن تحقق بعض أهداف التربية الفنية. لقد أصبح للنقد والتذوق الفني في التربية الفنية مكانة خاصة فبعد أن كانت التربية الفنية تصب اهتمامها على مهارات الرسم والأشغال اليدوية عن طريق نقل الأمشق وتكرار الوحدات الزخرفية أو عن طريق تلقين المنظور والمحاكاة للأشكال الطبيعية، أصبحت من خلال النظريات المعاصرة في تدريس هذه المادة، تركز على التنمية الشاملة لنمو خبرات وثقافة ومهارات المتعلمين، وأهم هذه النظريات هي نظرية التربية الفنية المنظمة على أساس معرفي (Discipline Based Art Education) وتختصر بالأحرف اللاتينية (DBAE) ويمثل النقد الفني (Art Criticism) أحد عناصرها الرئيسيــة، بالإضـافة إلى الإنتـاج الفــني، وعلـم الجمـال، وتاريخ الفن. (فضل 1996، ص9) فالنقد والتذوق الفني في التربية الفنية هو تمكين المتعلمين، من معرفة الطرق السليمة للحديث عن الأعمال الفنية، من خلال مجموعة المناقشات والحوارات التي تدور بين المعلم والطلاب في حجرة الدرس، ويتم خلالها استخدام المفاهيم والمصطلحات الفنية، التي تصف وتفسر وتحلل الأعمال الفنية والتي توفر للطلاب ثقافة فنية كافية لفهم جمالية العمل الفني. ويعرف الغامدي (1999) النقد والتذوق الفني بأنه: "إتاحة الفرصة للطالب بالحديث عن عمله الفني أو أعمال زملائه الآخرين بأسلوب موضوعي موجه من قبل المعلم، للوصول إلى مرحلة متقدمة في معرفة وقراءة العمل الفني للرقي بمستوى التعبير الفني." (ص63) وتتعدى أهمية النقد والتذوق الفني في التربية الفنية كل التوقعات فيما يخص نمو الثقافة الفنية. فعندما يتحدث الطالب عن عمله الفني ويعبر عن ميوله، ويناقش مع مدرس المادة العمل الفني، والأسلوب، والمعالجة التقنية، والصعوبات التي مر بها، وكيف فكر بالحلول المناسبة لها، كل هذا وغيره من الخبرات الأخرى سوف يكسب الطالب قدرات فنية ونفسية ولغوية وعلمية واجتماعية تسهم في نمو شخصيته. (الغامدي 1999، ص63) يقول ويلسون (Welson 1988) (عند الغامدي1999) "النقد الفني إنما هو وسيلة لبلوغ الغاية وليس غاية في حد ذاته." (ص63) ويؤكد دوبس (Dobbs 1999) على أن تدريس النقد والتذوق الفني ضمن نظرية التربية الفنية المنظمة على أساس معرفي (DBAE) يتطلب التركيز على ملاحظة الأعمال الفنية المنتجة بواسطة الطلاب وبواسطة فنانين، ويمكن عمل مقارنة ومفاضلة من نواحي فنية مع الاهتمام بالمضامين المختلفة التي قد تحتويها هذه الأعمال الفنية. ويمكن أن تطرح بعض التساؤلات التي قد تفيد في هذا الجانب لإثارة عبارات وصفية وتحليلية وتفسيرية من قبل الطلاب مثل التالي: - ما هو موضوع العمل الفني أو ما هو الهدف منه؟ - كيف تمت الاستفادة من عناصر العمل الفني الشكلية، والتكوين، للتعبير بفاعلية عن صورة أو مشاعر إنسانية؟ - كيف يتحدث النقاد عن هذه الأعمال الفنية؟ وماذا يقول النقاد عن عمل فني ما؟ - ما هي الوظيفة التي يمكن أن تكون لعمل فني من هذا النوع في المجتمع؟ وكيف يمكن أن يختلف الناس في تقبلهم للأعمال الفنية؟ - هل قدم العمل الفني قيماً جمالية مرضية للذوق العام في المجتمع؟ - وهل جذبت هـذه الأعمال الفنية الانتباه وجعلتنا نكتشف أشياء جديدة؟ (ص38) ويوضح فيلدمان (Feldman, 1973) (عند مجموعة من الباحثين 1993) بأننا في حاجة إلى تنمية القدرة على قراءة البيئة البصرية من خلال اللغة المنطوقة والمكتوبة، وذلك لأن هذه المقدرة تكوِّن في المتعلم أحد جوانب الشخصية المثقفة. ونجده يعرف الشخص المثقف بأنه "ذلك الشخص الذي يستطيع التعايش مع الصفات العظيمة المتعددة للبيئة، وخصوصاً البيئة المرئية، وكذلك الإلكترونية، والبيئة الفراغية المنظمة، وبيئة وسائل الاتصال." (ص33) وهو يعتقد أن النقد في التربية الفنية سوف يساعد الطلاب في المدارس على توصيل أفكارهم بشكل مؤثر، وأنه سوف يكون للنقد والتذوق الفني دور في تعزيز المعرفة الفنية من خلال مناقشة، ودراسة، وتأويل، وإعطاء الأحكام، على الأعمال الفنية. وهو هنا يحاول إعادة صياغة معنى التربية الفنية من مجرد مادة تركز على الإنتاج الفني إلى القـول بأن التربية الفنية هي: "دراسة البعــد البصري للحياة الاجتماعية." (ص36) ويشير حداد (1988) أن على معلمين التربية الفنية عند تدريسهم للنقد والتذوق الفني تقديم إجابات عن الأسئلة التالية: 1- ماذا يفعل النقاد عند القيام بنقد عمل فني؟ 2- ما الذي يجب أن يفعله المعلمون والطلبة عند القيام بالتذوق والنقد؟ 3- ما هي العلاقة بين ما يقوم به النقاد وما يقوم به المدرسون والطلبة؟.. (Haddad 1988, P28) ويشير جيهجن (Gehgin 1983) (عند Haddad 1988) إلى أنه من الواجب على المعلمين أن يضعوا في الاعتبار تعدد طرق النقد، وأن يتفهموا أن بعضها قد تكون مناسبة أكثر من غيرها في ظروف تعليمية معينة. (ص28) وتعتقد ستولينتز (1982) أن بإمكاننا تكريس تعليم النقد الجمالي عن طريق بحث الصلة بين فلسفة النقد وعلم الجمال. وهي تعتبر أن فلسفة النقد تختبر المفاهيم التي تشكل أساس تفكير الأفراد وردود أفعالهم نحو الفن. (ص د) وتذكر هامبلين (Hamplen 1986) (عند مجموعة من الباحثين 1993) بعض الفوائد الاجتماعية من دراسة النقد والتذوق الفني ضمن التربية الفنية، فأبرز هذه الفوائد هي: في الجمهور المتفتح جمالياً في ظل التطور المعرفي، والتثقيف الجمالي من خلال الحديث عن الفن، والإدراك الأكبر للمضامين الاجتماعية والتاريخية التي تنقلها لنا الأعمال الفنية، وتنمية الحس الوجداني للشعور، وتنمية القدرات البصرية للاختيار المناسب لما يحتاجه الإنسان في مجالات الإنتاج الصناعي والمعماري واللباس والأثاث. (ص205) ونجد فيلدمان (1973) (عند مجموعة من الباحثين 1993) يعتبر الفعل النقدي متمماً للتجربة الجمالية بجعلها اجتماعية أو عامة. (ص44) وتبرز أهمية تدريس النقد والتذوق الفني في مدارسنا من خلال الحاجة الملحة لتثقيف أبنائنا فنياً. ويتم ذلك من خلال إعطائهم كمية مناسبة من المعلومات والمفاهيم الفنية المرتبطة ببعض المصطلحات الصعبة والمفاهيم المرتبطة بالفن المعاصر ومستجداته محلياً وعالمياً. وهذه العملية التثقيفية سوف تعزز الحركة الثقافية في بلادنا وتجعلها موازية لما تقدمه الثقافات المتقدمة في الغرب إلى أبنائها في تدريس مادة التربية الفنية. ويتحقق ذلك بالاهتمام بإعداد مدرس التربية الفنية المثقف والمتمكن من تزويد الطلاب بالقدرات النقدية والتذوقية، وذلك بتكثيف مقررات تاريخ الفن والنقد الفني ونظرية الفن والتذوق بالإضافة إلى المواد العملية التي يتعرض لها المعلم خلال فترة إعداده.
__________________
الدكتور/ طارق بكر قزاز
|
بقلم الياس معاد
إسمـي الياس معاد مـن مواليـد سنـة 1989 ،بلـدي هـو المغرب، أهتم بمجال الفنون كلها بحكم مساري الدراسي و شغفي بالفنون السبعخريج الجامعة المتعددة التخصصات بورزازات شعبة التقنيات السمعية البصرية ; و السينما تخصص الصوت و الصورة خريج المعهد المتخصص في مهن السينما شعبة محرك آلياتي وكهربائي -أستاذ التعليم الابتدائي بورزازات -طالب باحث في المدرسة العليا للأساتذة بماستر التعليم الفني و التربية الجمالية بمكناسروابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
URL | |
HTML | |
BBCode |
0 التعليقات:
إرسال تعليق