دور التربية الفنية النظامية ( DBAE) فى تفعيل الفن كلغة اتصال بين الفنان السعودي ومجتمعه
يمثل
الفن وسيلة تخاطب واتصال بين الفنان والمجتمع ، فالإبداع هو القدرة على
الرؤية والإدراك ومن ثم الإستجابة والتفاعل ، فالفن له لغة خاصة ، يستحيل
ترجمتها إلى لغة من غير جنسها ، وهذه اللغة هى أداة الفنان للتواصل مع غيره
والتفاعل معهم ، واللغة بهذا الشكل تعد وسيلة اتصال ، وهى الوحدات التى
تحمل رموزاً وترجمةً لانفعالات الفنان الناجمة عن الوجدان والخبرة ،
والثقافة والتفكير ، والذوق والاتجاهات ، مما يكون له الأثر فى نقل الخبرات
على المتلقي بطريقة صحيحة .
فالفن
كلغة اتصال اجتماعي له أدوار كثيرة فهو مرآة للحضارات على مر العصور ، وهو
يلعب دوراً فى رؤية المتلقي لبيئته وإدراك جمالها ، كما أنه عملية توافق
بين عالم الجمال وعالم الوجدان وعالم العقل ، بين الفردي والجماعي ، بين
الذاتي والموضوعي ، بين الروح الإنسانية والطبيعة نفسها .
وينعكس
على قارئ لغة الفن عوائد ثقافية كثيرة كالاستمتاع البصري والنفسي ،واكتساب
لغة جديدة ، واستيعابه للرموز والوحدات والأشكال وإثراء خبرته الجمالية ،
وغيرها من الفوائد الثقافية التي تفيد المتلقي .
وقد
تواجه لغة الفن إشكالية من قبل المتلقي فى فهم رسالتها والتأثر بمضامينها ،
وذلك يرجع لعدة اسباب من أبرزها عدم فهم المجتمع لهذه اللغة ، وهو ما نتج
عن قلة الثقافة الفنية بين أفراده .
وتلعب التربية الفنية دوراً كبيراً فى إثراء هذه الثقافة عند افراد المجتمع ، وتبنيه المجتمع لأهمية الفن والتربية الفنية .
ومن
هنا ظهرت النظريات والمشاريع الحديثة للتربية الفنية والتى تهدف للبحث عن
افضل الطرق لتحقيق اهدافها ، ومن هذه المشاريع نظرية التربية الفنية
النظامية (BDAE
) بمجالاتها الأربعة ( تاريخ الفن ، النقد الفني ، علم الجمال ، الإنتاج
الفني ) والتى عند تطبيقها فى التعليم العام قد تساهم إسهاماً كبيراً فى سد
الفجوة بين الفنان السعودي ومجتمعه ، وتفعيل لغة الإتصال بينهم لإعطاء
الأثر المطلوب .
وفى هذه الدراسة نتطرق لأهمية التربية الفنية وأهم مشاريعها ونظرياتها ، ونتعرض للتربية الفنية النظامية (DBAE)
بشكل خاص من حيث مفهومها ومجالاتها وخصائصها وأهدافها ، والدور الذي قد
تلعبه فى تفعيل الفن كلغة اتصال بين الفنان ومجتمعه ، وذلك من خلال شرح
لمفهوم الاتصال وعناصره وماهية الفن الاجتماعية ، ونبذة بسيطه عن التربية
الفنية فى المملكة العربية السعودية منذ اعتمادها فى التعليم العام وحتى
الوقت الحاضر .
وتتناول هذه الدراسة نظرية التربية الفنية النظامية (DBAE
) إيماناً منها باهميتها فى تفعيل الفن فى المجتمع السعودي وضرورة
الإستفادة منها ، حيث تعاني التربية الفنية فى المملكة العربية السعودية من
عدم فهم لأهميتها وبالتالي عدم قيامها بالمطلوب منها وعدم تحقيقها
لأهدافها والتى منها تحقيق التواصل بين المجتمع والفنان وفهمه للرسائل التى
يوجهها له ،فكيف يمكن للتربية الفنية النظامية (DBAE) أن تلعب دوراً فى تفعيل الفن كلغة اتصال بين الفنان السعودي ومجتمعه ؟.
كما تظهر أهمية هذه الدراسة فى تناولها لمفهوم الإتصال بين الفنان ومجتمعه وعناصر هذا الاتصال ومعوقاته .
وتهدف هذه الدراسة إلى :
- إعطاء نبذه عن التربية الفنية فى المملكة العربية السعودية منذ اعتمادها فى التعليم العام وحتى الوقت الراهن .
- إيضاح معوقات فهم المجتمع السعودي للغة الفن والتأثر بها والتفاعل مع الفنان ورسائله الفنية .
- بيان مجالات التربية الفنية النظامية وأهدافها وخصائصها .
- إيضاح مفهوم الإتصال وعناصرها ومعوقاته .
- إيضاح دور التربية الفنية النظامية فى تفعيل الفن كلغة اتصال بين الفنان السعودي ومجتمعه .
أهمية التربية الفنية :
تنبثق أهمية التربية الفنية من اهمية الأهداف التى تسعي لتحقيقها والتى منها :
· التعبير عن المشاعر والأحاسيس وفق الضوابط الإجتماعية .
· مساعدة الطفل على النمو فى هدة جوانب منها :
*النمو العاطفي
* النمو الفكري
*النمو البدني
* النمو الإدراكي
*النمو الاجتماعي
* النمو الجمالي
*النمو الإبداعي
· تقدير العمل اليدوي واحترامه
· تنمية مهارات الطفل وصقلها .
· تحقيق الصحة العقلية والنفسية للدارسين .
· تكوين المفاهيم وتعميق وترسيخ أهداف المواد التعليمية الأخرى (9) .
فالتربية
الفنية تعني بشمولية المعرفة وتنمية القدرات الإبداعية لدى التلاميذ ،
وتطوير المعارف الحسية والمعرفية والاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد ،
وللتربية الفنية دور خاص فى المجتمع حيث أن لها دور فى تكامل الشخصية
وتنمية إحساس الفرد نحو الجمال والفرد لا يصبح مكتملاً إلا إذا نمى مفاهيم
سليمة للتذوق ، ومعايير صحيحة للإستمتاع بقيم الأشياء التى يراها ، والفن
هو الموثق بين العمل الاجتماعي والتربوي ، فقد قامت التربية الفنية بهدف
تنمية الشخصية الإنسانية ككل عن طريق الفن .
وتبرز أهمية التربية الفنية فى تربية النشء ووجدانه ، وقدراته الإبداعية ، ومستوى تذوقه للجمال فى بيئته المحيط به .(3)
مشاريع ونظريات التربية الفنية المعاصرة :
تأثرت
التربية الفنية باتجاهات عديدة وفلسفات مختلفة وتوالت البحثو لتطوير ميدان
التربية الفنية والدراسات فى هذا المجال ، ومن أبرز المشاريع والمناهج
المعاصرة للتربية الفنية باختصار :
· مصفوفة برنت ولسن Brant Wilson :
قام
برنت ولسن ببيناء مصفوفة لصياغة الأهداف وتقييم المعلمين مؤكداً على أهمية
التذوق الفني ، وهذه المصفوفة لها بعدين أساسيين ، الأول يحوي على فئات من
السلوك ، والبعد الثاني يحوي جوانب المحتوى ، ثم يتم صياغة الهدف بصورة
واضحة قابلة للقياس ، وهذه الأهداف تختلف تبعاً لسن المتعلم وقدراته (22) .
· تصنيف آرنون Arnone :
صنف
آرنون وظائف العمليات العقلية فى ضوء أساليب الأداء مؤكداً على التفضيل
والتذوق ، وقد وضع التفضيل تحت تصنيف المفاهيم والتى تحتوي على خمسة وظائف
للعمليات العقلية هى : القيمة ، الإجراء ، الافتراض ، والتقييم ، بالإضافة
للمفاهيم التى تحتوى على ثلاثة أبعاد كوظيفة للعمليات العقلية وهذه الأبعاد
هى : التعرف ، الفهم ، والتفضيل ، أما الأداء فى المحتوى الفني فيحتاج على
استجابة ذاتية ، أم التفضيل فيحتاج على استجابة وجدانية .
وهذا التصنيف ليس له ارتباط وثيق بالتربية الفنية ، وإنما أشارت بعض الدراسات فى مجال التذوق الفني والنقد على أهميته (22) .
· منهج ديتمرز Detmers :
وضع مصفوفة تحتوي على محورين أساسيين ، الأول لمحتوى الفن ، والآخر لنوع السلوك المراد اكتسابه من دراسة الفن (21) .
· مشروعات مؤتمر بنسلفانيا :
عقد مؤتمر بنسلفانيا عام 1965م فى جامعة بنسلفانيا ، وناقش المؤتمر عدة مشروعات منها :
· مشروع التعليم بالتليفزيون ( صور وأشياء ) :
فى عام 1967م طور كل من باركان وشابمان Barken and Chapman خطوات
تعليم الفن من خلال التليفزيون للمرحلة الإبتدائية ، وهى سلسلة تتضمن
نشاطات مختلفة فى التربية الفنية تتيح للطالب المشاهدة واكتساب الخبرات فى
الفن .(24) .
· مشروع كيترنج ستانفورد :
عام 1967م قدم إيزنر Eisner تصوراً
لمشروع منهج مطور مدعوم مادياً من مؤسسة كيترنج ، وهذا المشروع يهدف
لتطوير منهج التربية الفنية ، ويعتبر إيزنر أن المبدأ الأساسي فى تعليم
الفن هو تتابع المنهج على شكل دروس مخصصة لكل صف دراسي حسب ترتيبها . وذلك
عن طريق ثلاث جوانب هى : النقد الفني ، تاريخ الفن ، والإنتاج الفني ،
مؤكداً على ضرورة اختبار المدرس ميدانياً قبل شروعه فى التدريس (24) .
· مشروع المعمل الإقليمي SWRL :
وهو
مشروع يهدف لدعم تدريس التربية الفنية بطرق منظمة وحديثة عن طريق تطوير
ثلاثة مصادر للتدريس وهى التحليل البصري ، الإنتاج ، وتحليل الصورة (24) .
وقد
تم إعداد المنهج على نظام الوحدات التعليمية ، بحيث يشمل كل منهج دراسي
على اربع وحدات دراسية ، تحتوى كل واحدة على وسيلة للتعبير الفني وموضع عن
المواضيع الأربعة السابقة ، واسلوب تعليمي من الأساليب السابقة ، وتتضمن كل
وحدة دراسية على (2-6) أنشطة يصاحبها أنشطة صفية تتمثل فى سلسلة من
الشرائح التعليمية المصورة (21) .
· مشروع الرؤية الجمالية :
وهو
مشروع يهدف إنشاء بنية إجرائية وسلوكية لتدريس التربية الجمالية ، ومطالبة
المختصين بجعل ذلك فى متناول مدرس المرحلة افبتدائية والمتوسطة والثانوية
والكليات والموجهين ليتعاملوا من هذه السلوكيات حسب ظروفهم وحاجاتهم (24) .
وكان لمشروع الرؤية الجمالية أثر فى دعم مجالي التذوق الفني وتاريخ الفن ، كما مهد لظهور التربية الفنية النظامية DBAE (22) .
· التربية الفنية النظامية :
يقول إيزنر Eisner : " أن هذه النظرية الحديثة (DBAE) ما هي إلا امتداد ونتيجة لما طور من مشروعات فى الستينات " (24) .
وبحلول الثمانينات من القرن الماضي ، ظهر نموذج جيتي Getty للتربية الفنية ، (The Getty – Center for Education in the Art Discipline ) حيث تم وضع مصطلح التربية الفنية كأحد ميادين المعرفة النظامية (Discipline Based Art Education ) والمعروف اختصارا ( DBAE) (3) .
مفهومها :
يعرف
تقرير ثوبر لمركز جيتي عام 1992م مفهوم التربية الفنية النظامية بأن
التربية الفنية مادة كسائر المواد فى التعليم العام ، لها مكانتها وتساهم
فى تكامل شخصية المتعلم فكرياً وعقلياً واجتماعياً ومهارياً ، من خلال
الثقافة الفنية ، والنظريات المختلفة للفن والابتكار الفني ، لفهم مستمر
وشامل للفن (21) .
خصائص التربية الفنية النظامية :
أ. الهدف الأساسي :
1. أن
يكون الأداء مبنياً على أسس منهجية قائمة على أساس علمي منظم ، ويشمل ذلك
تطوير قدرات الطلاب حتى يؤهلهم ذلك لفهم وإدراك الفن وتقديره
2. يجب تدريس الفن على اساس أنه مادة أساسية من مواد التعليم العام.
3. المحتوى الخاص بتعليم الفن يعتمد على اربعة منظومات هى الرؤية الجمالية ، النقد الفني ، تاريخ الفن ، والإنتاج الفني .
4. المحتوى
الخاص بدراسة الفن مشتق من مجال واسع وعريض من الفنون المرئية المختلفة
التى تشمل على الفن التطبيقي ، والفنون الشعبية ، والفنون الجميلة من
الثقافات المختلفة على مدى تاريخ الفن .
ب. خصائص تخطيط المناهج :
1. يكتب محتوى المناهج بترتيب منظم ومترابط بحيث يكون مناسباً للمرحلة الدراسية وذلك بشكل منظم تنظيماً منطقياً وسيكولوجياً .
2. يجب أن يعكس المنهج الاهتمام بالجوانب الأربعة للتربية الفنية .
3. يجب ترتيب المناهج بطريقة تساعد على زيادة معرفة ووعي المتعلم حسب كل مرحلة من مراحل النمو العقلي له .
ج. الانجازات :
1. يتم التكامل الفني أو الإنجاز بتعاون كلا من التربية الفنية والمختصين فى البرنامج مع توافر المصادر الفنية المختلفة .
2. تشجيع إنتاج الطالب ، وتقييم صلاحية المنهج عن طريق وضع المقياس المناسب (22) .
مجالات التربية الفنية النظامية :
ترتكز
التربية الفنية النظامية على أربعة ركائز أساسية سيتم شرحها بالتفصيل عند
الحديث عن دورها فى تفعيل الفن كلغة اتصال بين الفنان ومجتمعه ، وهذه
الركائز هى :
- تاريخ الفن Art History
- النقد الفنى Art Criticism
- علم الجمال Aesthetics
- الإنتاج الفني Art Production
دور التربية الفنية النظامية فى تفعيل الفن كلغة اتصال بين الفنان ومجتمعه :
لمعرفة الدور الذي تلعبه التربية الفنية النظامية DBAE فى
تفعيل لغة الفن بين الفنان السعودي والمجتمع يجب أولاً التطرق لمفهوم
الاتصال وعناصره وعوامل نجاحه ، كما يجب معرفة ما هية الفن الاجتماعي ومعنى
الفن كلغة اتصال بين الفنان ومجتمعه .
كما ستتطرق الدراسة لنبذه عن التربية الفنية فى المملكة العربية السعودية .
أولاً : مفهوم الاتصال :
يشير
مفهوم الاتصال إلى العملية أو الطريقة التى تنتقل بها الأفكار والمعلومات
بين الناس داخل نسق اجتماعي معين يختلف من حيث الحجم ومن حيث محتوى
العلاقات المتضمنه فيه .(18) .
والإتصال هو تفاعل بالرموز اللفظية وغير اللفظية بين طرفين أحدهما مرسل يبدأ الحوار والثاني مستقبل يكمل الحوار (12) .
والاتصال
كما يدلنا التاريخ ملازم للإنسان منذ أوجده الله على الأرض ، فقد استخدم
الإشارة ، والرسم والنحت على جدران الكهوف ، كذلك استخدم اللغة اللفظية فى
أشكال متعددة ، ثم أخذت هذه الأشكال تتطور كلما زاد إدراك الإنسان لمهاراته
الاتصالية ، فالإنسان يحسن المعنى ويطوره ، ويقلل من قيمته أو يزيد من
أهميته ، وقد ينقل كل أو بعض المعنى ، كل ذلك فى سبيل تحقيق ما يريده عن
طريق الاتصال .
ويتكون
الاتصال من عدة عناصر تساهم جميعها فى انتاج الفعل الاتصالي ، حيث تتفاعل
مع بعضها داخلياً بصورة مترابطة ، ومن ثم تتبادل هذه العناصر انتقال
التأثير بينها ، وذلك أن أى تغيير في اى عنصر من عناصر الفعل
الاتصالي يؤدي إلى إحداث تغيير فى اداء العناصر الأخرى وبالتالي يحدث
تأثيراً على نتيجة الاتصال . وهذه العناصر هى المرسل والمستقبل والرسالة
وأثر هذه الرسالة ورد فعل المتلقي عليها .
وهناك عوامل محددة تجعل الاتصال ناجحاً ومؤثراً منها :
- مهارات المستقبل الاتصالية وسرعة تجاوبه .
- خبرته عن المعلومة التى تصله عن طريق المرسل .
- مصداقية المرسل عن المستقبل .
- النظرة الاجتماعية للمستقبل (23) .
من
هنا يمكن أن نستنتج أن الاتصال ضرورة اجتماعية ، إنسانية ، حضارية ، وهى
عملية تهدف على إحداث توازن فكري مترابط بين افراد المجتمع ، وتواصل ثقافي
لنشؤ وارتقاء الحضارة ، وتغيير وتعديل فى السلوك الإنساني بقدر ما يحصل
الإنسان على المعرفة ، ويستطيع أن يفك الرموز ويفسر المعاني .
وتؤكد
التعريفات الخاصة بعملية الاتصال ارتباطها الوثيق بتعريفات الفن على
اختلافاتها المتباينة بتباين المراحل التاريخية والثقافية التى مر بها ،
فالفن ليس نشاطاً ذاتياً يقوم به الفنان بذاته ولكن كفرد فى المجموعة ،
يتعامل مع الموجودات فى بيئته لابتكار أشياء تنعكس آثارها عليه وعلى هذه
المجموعة ، سواء أكانت تلك الآثار جمالية بحته أو عاطفية او فكرية فإنها
تكون هدفاً لعملية اتصالية بين الفنان والمتلقي .
ويرى تولستوي Tolestoy أن
الفن مظهر من مظاهر الحياة البشرية وأحد وسائل الاتصال بين الناس ،
وأكثرها تأثيراً فى تعديل السلوك ، ويرى أن الإنسان كما ينقل أفكاره على
الآخرين عن طريق الكلام فإنه ينقل على الآخرين عواطفه عن طريق الفن ، ومعنى
هذا أن الفن لا يخرج عن كونه أداة تواصل بين الأفراد ، يتحقق من خلالها
نوع من الاتحاد العاطفي والتناغم الوجداني بينهم (11) .
ثانياً : الفن وماهيته الاجتماعية :
الفن
شيء إبداعي يعبر فيه الفنان عن الأحاسيس والقيم الإنسانية الخالدة ، كما
يعبر عنها المجتمع فى الظروف التاريخية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية
والسياسية التى يعيشها ، والعمل الإبداعي يتميز بأنه تجسيد لأحاسيس إنسانية
ولكن ضمن قواعد عامة تضمن للعمل الإبداعي تحقيقه على المستوى التقني غايته
إضافة إلى إبداعه وتجديده وعمقه فى تجسيد المعاني الإنسانية العميقة (1) .
ويرى
هربرت ريد أن الفن " عمل اجتماعي " ، فإذا نظرنا على الفن من وجهة نظر
عالم الاجتماع ، فإننا لن نستطيع أن ننكر أن وجود الفن هو واقعة إيجابية
لها أهميتها في صميم الحياة الاجتماعية ، والمجتمع نفسه فى كل زمان ومكان
اعتبر الفن وظيفة اجتماعية ، فكان يعد الفنانين بمثابة صناع مهرة يحترفون
مهنة لها أصولها وقواعدها ، فلو رجعنا الى العصور الوسطى – مثلاً- لوجدنا
أن الفن قد كان آنذاك حرفة جدية يحرص عليها المجتمع ، فكانت هناك مراسم
فنية ينفق عليها الملوك والأمراء .(6)
وللفن
وظيفة جوهرية هامة فى صميم الحياة الاجتماعية ، وهى وظيفة التوفير أو
الادخار ، ومعنى هذا أن الكائن الاجتماعي لا يستهلك العمل الفني كما يستهلك
غيره من الطاقات ، بل هو يحتفظ به على شكل آثار تظل مسجلة فى المادة (6) .
ولا
يمكن تصور فن من الفنون بدون متذوقين له ، بمعنى أن العمل الفني الإبداعي
الذي لا يظهر للجمهور لا يدخل فى دائرة ما نقصد من فنون وذلك لأن عملية
التذوق للفن تعتبر من أهم العمليات الاجتماعي المتعلقة بنشر الفنون ونمائها
. (1) .
ثالثاً : الفن كلغة اتصال بين الفنان ومجتمعه :
لكل
فن من الفنون لغة خاصة لا ينطق إلا بها ، ويستحيل غالباً ترجمتها إلى أى
لغة أخرى من غير جنسها ، لذلك إن لم نعرف هذه اللغة معرفة دقيقة ونقف على
دقائقها وأسرارها ، استعصى علينا أن ندرك معانيها ، مهما بلغ من علمنا
بلغات الآداب أو الفنون الأخرى .
فالأديب
قد يحدثنا عن الأشكال والألوان والأضواء والظلال فى منظر يشاهده ، أو قد
يصف لنا وقع هذه الأشياء فى نفسه ، وما تثيره فى ذهنه من خواطر أو فى قلبه
من عواطف ، ولكن الفنان لا يصف الأشكال والألوان والظلال والأضواء ، وإنما
يتخذها أداة للتعبير عن وجدانه (25) .
والعامل
الجوهرى المشترك بين شتى طرز الفن والذي يتأثر بالظروف الفردية
والاجتماعية والحضارية ، فالوجدان هنا ليس مجرد العواطف والانفعالات
الجماعية أو الفردية الطارئة ، وإنما هو خلاصة ما ترسب ويترسب فى أعماق نفس
الإنسان من صور ومعان نتيجة إدراكه – أولاً – أنه مخلوق يعيش وسط قوى
كونية هائلة ، تتفاعل معها ، ثم نتيجة لممارساته لشتى الثقافات والحضارات
التى أنشأها منذ ظهوره على سطح الأرض ، وعندما ننظر على " لغة الفن " نجد
أن الوجدان ليس فى اصله أو أنغاماً موسيقية ، وإنما هو فى حقيقته نوع من
الذبذبات الأثيرية التى لا ترى ولا تسمع ويستحيل وصفها بالألفاظ أو بأى لغة
أخرى محدودة المعاني .(25) .
من
هنا يتضح أن التعبير عن الوجدان بتلك الوسائل أو الصور المادية الحسية لم
يكن ممكن تحقيقه لو سحر " لغة الفن " التى تحيل المادة إلى طاقة أو شفافية ،
دون أن تفقد هذه المادة كثافتها الظاهرية .
يشير جوليان هكسلي (j. Huxly)
إلى أن كلا من العلم والفن يعتبرا أداتان ووسيلتان لفهم العالم وتوصيل هذا
الفهم للآخرين ، فالإنسان ينزع على نقل تجربته الاجتماعية من خلال وسيلته
فى ذلك " العمل الفني ) على الآخرين ، فمنبع الفن واساسه هو تمثيل تجربة
الفنان الحياتية واستنباط مفهومها ودلالتها القيمية ، وتثبيت هذا الإستنباط
وتوصيله للآخرين عن طريق استعادة حركية " فى مجال الإبداعي الدرامي " ، "
أو خيالية " فى مجال الإبداع الأدبي " ، " أو تشكيلية " كما يحدث فى فنون
التصوير والتشكيل المجسم " ، فالفن ليس مجرد إبداع صور وأشكال إنما هو نشاط
يتولد عنه منتجات تصلح لأن تكون بمثابة منبهات أو مثيرات تثير لدى الغير
بعض الاستجابات المريحة (23) .
فالعمل
الفني هو منبه أو مؤثر حسي يولد المتلقي مجموعة من التأثيرات الجسمية
والنفسية ، ويستثير انتباهه وملاحظته ، وينتج عن ذلك ما يعرف بالاستجابة
بالإيجاب أو السلب أو التعديل لرؤية هذا العمل ، والعلاقة بين المنبه (
الرسالة ) والإستجابة ( رد الفعل أو السلوك ) هى العلاقة التى تعتبر من اسس
العملية الاتصالية فى نماذج الاتصال ، ونظريات التعلم هى التى تقدم
تفسيراً للسلوك ، والفنان فى هذه التفسيرات هو المصدر أو المرسل ، والرسالة
فى هذه الحالة هى ما أعاد الفنان صياغته فى عمل فني ، والمتلقي هو الفرد
أو الجماعة التى يهدف الفنان يصال التإليها ، والتفاعل الذي
يتم بين مرسل ومستقبل باستخدام رسالة معينة ، يراد لها أن تحدث أثراً ما ،
والاتصال فى هذه الحالة يشمل تلك العملية التفاعلية بكل مكوناتها ، والتى تحدد
بين إرسال الرسالة وحدوث الأثر المطلوب ، وحدوث الأثر إنما يرتبط به مقدار
التفاعل الذي يحدث بين الرسالة ومحتوياتها ، وبين المستقبل ومدى تعايشه
ومشاركته وتقبله أو رفضه للرسالة (23) .
وهناك عدة معوقات ثقافية قد تحول بين المتلقي وتذوقه وفهمه وتاثره بالعمل الفني منها :
- اختلاف وتضارب المفاهيم حول الفن والجمال .
- عدم التخطيط الجيد لإثراء وتنمية التذوق .
- انتشار المعتقدات الخرافية والتعاليم التى لا تستند إلى حقائق علمية .
- العزلة الثقافية عن المجتمعات الأخرى .
- سيطرة الثقافات والمفاهيم الغازية عن طريق الوسائط المختلفة .
- نمطية الأفكار والمفاهيم والأشكال فى المجتمع .
- عدم الرغبة فى التجديد والإبتكار .
- عدم إدراك الفوارق الفردية بين أفراد المجتمع الواحد .
- دكتاتورية كبار المفكرين والنقاد .
- عدم إدراك طبيعة الشعوب النفسية .
- كما كان هناك عوامل ومؤثرات تحكم قارئ العمل الفني منها .
- الحالة النفسية والمزاجية له .
- التربية والتكوين فى الأسرة والبيئة والمجتمع .
- الزمان والمكان .
وقد يعود على قارئ العمل الفني عوائد عديدة منها :
- الإستمتاع البصرى .
- القدرة على التعبير عن الأحاسيس والمشاعر والأفكار .
- الإستقرار النفسي والإتزان والإيجابية فى الشعور والثقة بالنفس.
- تشكيل وحدة الفكر والمشاعر بين الفنان والمجتمع .
- اكتساب المتذوق لغة جديدة
- اكتساب المتذوق أنظمة وسلوك .
- استيعاب المتذوق للرموز والوحدات والأشكال .
- إثراء خبرة المتذوق الجمالية .
- اكتساب المتذوق المعرفة ببعض المبادئ والأفكار .(13) .
وعندما
نتحدث عن اهمية الفن بالنسبة للمجتمع تتضح هذه الأهمية بعد فهم المجتمع
العميق للغة الشكل التى يبنى عليها العمل الفني نفسه ، وبعد تقبل المجتمع
لهذا العمل وتأملنا له ، يتركه وقد وعى منه أشياء لم يكن يعرفها من قبل ،
أى أن هذا العمل الفني قد أضاف شيئاً على حصيلة المجتمع من القيم الجميلة
والحقة .
وقضية
الفن هى نفسها القضية الإنسانية وتطوره هو تطور المجتمع ، وهناك عدة عوامل
تتضافر مع بعضها البعض ، لكى يتم الإتصال والتفاعل بين الفن والمجتمع
وتتحول الرسالة إلى سلوك اجتمعي ، ومن أهم هذه العوامل :
- درجة الثقافة الفنية والقيم الجمالية عند المتلقي.
- مستوى التذوق الفني عند المجتمع ومدى تقبله لغة الفن .
- دور التربية الفنية فى إكساب السلوك الجمالي للمجتمع .
- عملية النقد الفني ودوره المهم فى ترجمة العمل الفني وجعله أكثر إيضاحاً للمتلقي .
- دور الإعلام فى نشر الوعي الثقافي والفني وتحقيق التواصل الفعال بين أفراد المجتمع والجماعات الأخرى .
- دور قاعات العرض فى تقديم العمل الفني وتحقيق التواصل والتحاور بين الفنان والمتلقي .(23) .
رابعاً : نبذة عن التربية الفنية فى المملكة العربية السعودية :
منذ
إنشاء وزارة المعارف عام 1373هـ وضعت التربية الفنية ضمن مناهج التعليم
العام ضمن النشاط المدرسي ولكن ليس فى الخطة ، وفى عام 1378هـ عممت
تلك المادة بمسمى ( الرسم والشغال ) على جميع المراحل التعليمية ، وكان
أسلوب التدريس محصوراً فى تدريب التلاميذ على المحاكاة لبعض النماذج ،
وتقليدها ، ورسم المنظور ، وفى تلك السنة تم اعتماد مادة الأشغال اليدوية
فى معاهد إعداد المعلمين للمرحلة الابتدائية كمادة دراسية ضمن المنهج
والخطة الدراسية .(7) .
وفى
عام 1380هـ تم تعيين الموجهين الذين تولوا التخطيط والإشراف على سير مادة
الرسم والأشغال فى كافة مناطق المملكة . وأقامت وزارة المعارف عام 1383هـ
دورات تدريبية لمعلمين التربية الفنية ، وتم افتتاح معهد التربية الفنية
بالرياض عام 1385هـ ، وفى عم 1396هـ افتتحت أقسام للتربية الفنية بالجامعات
وذلك للحاجة على كوادر شابة متخصصة فى هذا المجال (14) .
وقد
وضعت وزارة المعارف عام 1388هـ أول منهج متطور يصاحبه توجيهات تربوية توضح
أهداف المرحلة ويحتوى على الأهداف العامة للمادة مثل التعبير الفني للطفل
وغبراز طابعه الخاص ، وبناء شخصيته وتنمية الرؤية الفنية والسلوك الجمالي
عنده ، وتقدير العمل اليدوي والتعاون ، كذلك التذوق والإحساس الفني ،
والاهتمام بالمعارض ، وتخصيص حجرة فى كل مدرسة للتربية الفنية ( وزارة
المعارف ، منهج التعليم الابتدائي للبنين ، 1388هـ ) .
وفى
عام 1394هـ ألغت وزارة المعارف التربية الفنية من المرحلة الثانوية وخطتها
العامة ، وأدخلت عام 1395هـ كمادة اختيارية فى المدارس المطورة ، وتم
تعديل فى وضع التربية الفنية للإبتدائي والمتوسط بواقع حصتين فى الأسبوع
للصفوف الدنيا ، وحصة واحدة للصفوف العليا ، وحصتين فى الأسبوع للمرحلة
المتوسطة (7) .
أما
فى تعليم البنات فى المرحلة الثانوية فالتربية الفنية مقررة فى السنة
الأولى والثانية بمعدل حصتين فى الأسبوع ، أما فى السنة الثالثة فليس
للتربية الفنية مقرر مع باقي المواد .
مما
سبق يتضح لنا تذبذب وضع التربية الفنية فى التعليم العام فى المملكة
العربية السعودية ، وعدم إدارك أهميتها للنشء ودورها فى المجتمع .
مما
سبق يتضح لنا أن الفن يعتبر لغة اتصال وتواصل بين الفنان والمجتمع وأن
هناك عدة معوقات تحول بين المتلقي وفهمه وتأثره بالعمل الفني ، كما أن هناك
عوائد تعود على قارئ العمل الفني ، كما أن هناك عوامل سبق ذكرها تتضافر مع
بعضها ليتم الاتصال والتفاعل بين الفنان والمجتمع ومن هذه العوامل السابقة
الذكر دور التربية الفنية فى تحقيق هذا التواصل والتفاعل ومستوى التذوق
الفني عند المجتمع ومدى تقبله وفهمه للغة الفن .
ولكي
يستطيع الإنسان قراءة جملة مفيدة بأي لغة فعلية أن يتعلم مفردات اللغة ،
كذلك لكي نستطيع قراءة أى عمل فني واكتشاف جمالياته لابد من توفر المعايير
التالية فى القارئ (13) .
- الوعي بحقيقة أن الفن تعبير عن الوجدانيات أكثر منه تعبير عن واقع قائم .
- درجة كافية من الدراية بالفن ( اتجاهاته ، مدارسه ، أهدافه ) .
- الدراية بالقيم العامة للعمل الفني وتأثير كل قيمة على الأخرى .
- الدراية بمقومات العمل الفني – البنائية والكلية .
- قدر كاف من الثقافة الفنية .
- الوعي بتأثير البيئة والتراث والمناخ السائد وقيم المجتمع ( الدينية ، الاجتماعية ، الفكرية ، الاقتصادية ) .
دور التربية الفنية النظامية فى تفعيل الفن كلغة اتصال بين الفنان السعودي ومجتمعه :
تسهم
التربية الفنية النظامية بمجالاتها الأربعة عند تطبيقها فى التعليم العام
فى المملكة العربية السعودية إسهاماً كبيراً فى تفعيل لغة الفن فى المجتمع
وتساعد على تربية النشء على فهم هذه اللغة والتفاعل معها والتأثر بها مما
ينتج عنه مجتمعاً متذوقاً للفن ومتقبلاً للغته ورفع الوعي الفني عنده .
مجالات التربية الفنية النظامية :
للتربية الفنية النظامية مجالات أربعة لها أهداف رئيسية تسهم بدورها فى تفعيل هذه اللغة الفنية وهذه المجالات هى :
· تاريخ الفن Art History :
تاريخ
الفن هو كل ما يؤرخ عن التربية الجمالية والمعايير الشكلية والسيكولوجية
والثقافية والمهارية ، والمعرفية والفكرية ، والحضارية التى تخص الأمم
والشعوب فى جميع مناحي حياتهم العلمية والعملية، وذلك لأهمية الفنون في
حياة الشعوب، وفي تواصل بشكل فعلي ومؤثر.
وهناك عدة طرق لتدريس تاريخ الفن للمتعلمين في التربية النظامية. والطريقة الجوهرية (Intrinsic):
وتعتمد على تركيز المعلومات في العمل الفني مثل الموضوع أو المحتوى،
وتنظيم عناصر وأسس العمل الفني وخواصه وموقعه، بالإضافة إلى التركيز على
الرموز والأساليب المستخدمة، وموثوقية الفنان وحياته، وتاريخ العمل الفني،
وكل ما يشاهد في العمل الفني.
الطريقة العرضية (Extrinsic):
وتبدأ بوصف العمل الفني وتحليله، ثم تناول الموضوعات الخارجية المتصلة
بالعمل الفني، وتشمل خلفية الفنان الاقتصادي والسياسي والاجتماعي
والاقتصادي والديني والفلسفي المؤثر على الفنان وعلمه، وهذا النوع موجه نحو
العوامل التي تحيط بإنتاج العمل الفني.
طريقة البحث عن المعلومات في سياق ظروفها الحقيقية (Contextual Information): وتدرس الفنان وعمله وأسلوبه في التعبير، كما تتعرض لدراسة العمل الفني من حيث تكوينه ومميزاته، وقصة إنتاجه وموقف الناس منه.
والمنظرون
في هذا الاتجاه يقترحون تقديم تاريخ الفن على هيئة معلومات وتفسيرات
وأحكام للإسهام في الفهم والتذوق. بحيث يكون هدف دراسة تاريخ الفن تنمية
المهارات والقدرات على التفكير الناقد وتفسير العمل الفني عند المتعلمين.
ومن أبرز أهداف تاريخ الفن وضحها مركز جيتي والتي توضح دور هذا المجال في تفعيل اللغة الفنية في المجتمع.
يساعد المتعلم على معرفة الفنان وإنتاجه الفني.
تعريف المتعلم بوظيفة العمل الفني.
تعريف المتعلم بمضمون العمل الفني الكامن والمتمثل في ثقافة المجتمع السائدة.
تعريف المتعلم بالأسباب وراء الأساليب والاتجاهات الفنية في الماضي والحاضر.
إدراك المتعلم للآليات التي جعلت الفن وسيطاً للاتصال بين الثقافات.
استدلال المتعلم على العلاقة بين الماضي والحاضر من خلال الفن.
النقد الفني Art Criticism:
وهو
عملية تحليل وتفسير للعمل الفني، ليتمكن المتذوق أن يرى العمل الفني
الرؤية الفنية الصحيحة وبالتالي الاستمتاع بهذا العمل، والنقد الفني هو
محاولة الإفصاح عما يتضمنه العمل الفني من خيرة جمالية لا تستطيع العين
العادية إدراكها، فإذا أوضح الناقد كيان هذه الخبرة ووصفها، تمكن الرائي من
إدراكها، والحصول عليها كرصيد يضمه إلى خبراته.
وللنقد أهمية كبيرة في المجال التربوي تتضح فيما يلي:
زيادة القدرة البصرية للمتعلم من خلال مشاهدته للأعمال الفنية.
اكتساب معلومات في تاريخ الفن مثل ( فن إسلامي، شعبي، قديم، حديث، معاصر) لدى المتعلم.
تنمية ثقة المتعلم في نفسه.
يساعد المتعلم على إبداء رأيه بصراحه.
يرتقي بالذوق العام للمتعلم وتقبل الجميل ورفض القبيح.
يزيد قدرة المتعلم على تحليل الأشياء وإيجاد حلول للمشاكل التي تصادفه مستقبلاً.
يساعد المتعلم على تنظيم أفكاره للوصول إلى قرارات مقبولة ومنطقة.
يساعد المتعلم على اكتساب خبرات جديدة من خلال تبادل الآراء النقدية مع زملائه ومعلميه.
يساعد المتعلم على فهم وتقبل التطورات العصرية السريعة المختلفة.
وهناك عدة كيفيات يقدم النقد الفني ضمن دروس الفن، منها طريقة (فيلدمان):
الوصف.
التحليل.
التفسير.
الحكم.
وأوضح مركز جيتي أهم أهداف النقد الفني فيما يلي:
تنبيه المتعلم لأنواع الجمال في الأعمال الفنية وغيرها.
ملاحظة القيم الجمالية في الأشكال الفنية.
يصف المتعلم ما يشاهده بلغة فنية ناقدة تعتمد على المعرفة.
يحلل المتعلم الأعمال الفنية وفق أسس منهجية وموضوعية.
يفسر الأعمال الفنية، ويصدر الحكم على أساس من الوعي.
يقارن بين إنتاجه الفني وبين الأعمال التي يشاهدها.
يكون المتعلم لنفسه مفهوم عن الفن والفنانين.
ومن
رؤيتنا لأهداف النقد الفني في التربية النظامية يتضح لنا ا لدور الذي
يلعبه في فهم المتعلم للغة الفن، حيث يحمل النقد في ذاته علاقة جدلية
ديناميكية بين الفن والمجتمع، أي الذوق العام، فالنقد يعد ضرورة تاريخيه
لضبط العلاقات القيمة في المجتمع المعاصر ومن هذه الضرورة باتت للنقد كضابط
أو منظم لها:
الوظيفة الأولى: مباشرة، تنطلق باسم المجتمع إلى الفن لتهدية نحو منظومة القيم والتوجهات التي يتميز بها المجتمع أو يطمح إليه.
الوظيفة
الثانية: يعكس الوظيفة الأولى، أي تنطلق من الفن إلى المجتمع، مهمتها
تقديم وتفسير القيم المبتكرة والجديدة التي يطرحها الفنانون في أعمالهم،
فالنقد يقوم على أرضية من الحوار البناء بين الفن والذوق العام، وهو صوت
المجتمع والجمهور، وصوت الفن والفنان في آن واحد.
ويقول
البهنسي: " لا شك أن تربية النقد الفني هي تربية حضارية، فالنقد الفني لا
يمكن أن ينفصل عن الحاضرة، بل أن نموه وقوته هما نمو قوة الحضارة
الإنسانية، التي تركت مهملة إلى أقصى حد في منهاج تربيتنا، وأن هدف التربية
هو تنمية الذوق السليم وتحسس الجمال في الفن.
علم الجمال:
إذا
ألقينا نظرة على مفهوم الجمال عند الفلاسفة والمفكرين عبر العصور لوجدنا
أن القيمة الجمالية عندهم تتخلص في تحول القيمة العلمية إلى قيمة على مستوى
الخيال، وهذا تفسير لطبيعة الجمال ليشمل كل الموجودات سواء الطبيعي منها
أو الصناعي.
ومنظروا
التربية الفنية النظامية يذكرون أنه في مجال تدريس علم الجمال لا يستلزم
دراسة منتظمة لنظريات علم الجمال، ولكن يجب على المعلم أن يهتم بوضع وتوجيه
أسئلة تدور حول المفاهيم الخاصة بتطوير الأحاسيس والمشاعر نحو الأعمال
الفنية المعقدة، وأحد هذه الطرق هي الطريقة الحوارية لسقراط، والتي تعتمد
على توجيه المعلم بعض الأسئلة لأحد المتعلمين وبعد إجابته يواجه بآراء
مضادة لإجابته لتوليد نقاش فعال بينهما.
وعلم
الجمال في التربية الفنية النظامية له دور كبير في تنمية الإحساس بالجمال
وتذوقه في حياة المتعلمين وتربية التذوق الفني للجمال في الطبيعة والحياة
الاجتماعية والفن، مما يسهل عملية التواصل باللغة الفنية في مجتمع أفراده
يتمتعون بالحس والجمال.
حيث
يقول رشيد: " إن التربية الجمالية تعني تربية الذوق الفني عند الإنسان،
وبلورة العلاقات الجمالية للإنسان مع الطبيعة وظواهر الحياة الاجتماعية،
ومع الفن أيضاً، أي مع جميع ظواهر الواقع، وذلك لأنها تكشف ما في هذه
الظواهر من قيمة جمالية معينة.
والقصد
من تدريس علم الجمال هو تدريب الطلاب على وصف الأعمال الفنية، وتحليلها
ومقارنتها على المستوى الفردي أو الجماعي، والوصول للموضوعية في الحكم على
جمال العمل إذا توفرت فيه جميع العناصر المذكورة لأي عمل فني وذلك بهدف
البحث عن النوعية في العمل الفني، وتنمية المجال البصري لدى التلاميذ لكي
نثري ونرفع من تذوقهم وتعاملهم مع الفن.
ومن أهداف علم الجمال كما ورد في تقرير جيتي والتي توضع دوره في تفعيل لغة الفن في المجتمع:
تزويد المتعلم بمجموعة من الاستفسارات المنطقية حول طبيعة العمل الفني.
تعريف المتعلم بالأسباب التي تجعل الشكل مدركاً جمالياً يتطلب الاستجابة من قلبنا.
يفهم المتعلم الفن ويقيمه.
يستفسر المتعلم عن الأسباب التي جعلت الشكل كياناً فنياً.
يتذوق المتعلم الجمال في الأعمال الفنية والبيئة المحيطة به.
الإنتاج الفني: Art production:
وهو
عنصر أساسي لفهم الفن لأنه تطبيق عملي وخبرة مباشرة للتعليم تظهر نتائجه
من خلال الأعمال الفنية للدارسين وهذه فرصة للمتعلم ليمارس ويكون حصيلة من
الثقافة المعرفية والمهارية تساعده في فهم الفن والتربية الفنية كطريقة لحل
المشكلات الفنية.
وقد
كانت دراسة الفن في الماضي تعني تدريس التلاميذ كيف يرسمون، ويلونون،
وينحتون الخزف والكولاج وغير ذلك لإنتاج أعمال فنية، واستمر هذا المفهوم
للتربية الفنية حتى عصر قريب ( ولا زال في بعض البيئات التعليمية) وعندما
جاءت التربية الفنية النظامية بعناصرها أو مجالاتها الأربعة ركزت على ضرورة
تقديم كل عنصر منها بطريقة مدروسة ومرتبة بشكل منطقي وتربوي بحيث تراعي
نظريات التربية العامة التي تقتضي أموراً مثل التدرج من الأسهل للأصعب
وغيرها.
ويورد تقرير جيتي أهم أهداف الإنتاج الفني كما يلي:
يتمكن المتعلم من اختيار أدواته وخاماته وعناصره الفنية ويوظفها.
يكتسب المتعلم المهارات اليدوية والبصرية الأساسية.
يكتشف تقنيات خاصة من خلال الممارسة.
يتعرف على طبيعة الخامات والأدوات وإمكانياتها ومصادرها.
يكتشف قيماً جمالية متنوعة من خلال البيئة المحيطة به.
يستخدم العدد والأدوات في مواقف مختلفة.
يجرب تقنيات مختلفة ضمن مجالات علمية متعددة.
يحدد لنفسه نهجاً في التعبير والتشكيل.
يعبر عن أفكاره ومشاعره بخامات مختلفة ضمن مجالات متعددة.
يكتسب مهارات فنية متنوعة وكاملة.
بعد استعراضنا لأهداف التربية الفنية النظامية (DBAE)
ومجالاتها يتضح لنا الدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه عند تطبيقها في تفعيل
الفن كلغة اتصال بين الفنان ومجتمعه، وذلك من خلال إكساب النشء الثقافة
النقية التي تعينه على إدراك معاني لغة الفن.
والمجتمع
السعودي كغيره من المجتمعات العربية ما زال يتعامل مع الفن باعتباره
ديكوراً لتزيين المنازل والمرافق، فالمعارض الفنية تكاد تخلو من الجمهور
إلا من قلة من المتذوقين للفن، أو جمهور حضر للمجاملة.
وترى
الفنانة " اعتدال عطيوي" أن الفن ليس فناً جماهيرياً في البلاد العربية
ولا يحظى بالتدفق الجماهيري، فلا يحضر المعارض غير المتذوقين فقط وهم الذين
نسعى لزيادة عددهم، وذلك يحتاج إلى تكثيف إعلامي يقدم الفن شارحاً
وناقداً، وتشير إلى أن إحلال مفاهيم كبرى، وترجمتها إلى سلوكيات ليس سهلاً،
وأن تنمية الذوق الفني يبدأ مع مراحل الإنسان الأولى.
وترجع
أسباب هذه الفجوة بين الفنان ومجتمعه إلى التربية الفنية المطبقة في
التعليم العام في المملكة العربية السعودية، حيث اتضح من العرض الموجز
السابق للتربية الفنية في المملكة التذبذب الواضح في التخطيط المنهج العملي
والفني لمادة التربية الفنية منذ بدايتها وحتى الآن، ومما أثر على تفعيل
دورها في المجتمع، وهذا انعكس على المجتمع السعودي بعدم إدراك أهميتها
والدور الذي تلعبه في التنمية الفكرية والاجتماعية للنشء مقارنة بمواد
تعليمية أخرى.
فالتربية
الفنية هي الوسيلة التي تحرك بها إنفاعلات النشء وننمي بها ذوقه وقيمه في
الحياة، كما تسهم في تكوين أذواق الجماعية مما يجعلهم أكثر قدرة على
التواصل ما يرونه من الفنون والتفاعل معها مما يساعد في تكوين السلوك
الجمالي والتميز بين الجمال والقبح، وتفعيل عملية الاتصال بين الفنان
والمجتمع ليستطيع الفنان إيصال أي رسالة والتأثير فيه.
ولذلك قامت التربية الفنية بهدف تنمية الشخصية من جميع جوانبها عن طريق الفن.
وعند تطبيق التربية الفنية النظامية (DBAE)
بمجالاتها الأربعة ( تاريخ الفن، النقد الفني، علم الجمال، الإنتاج الفني)
في التعليم العام في المملكة العربية السعودية فإنها ستكون منهجاً
متكاملاً لتدريس التربية الفنية، حيث تحوي على الاتجاه المعاصر للتربية
الفنية والذي يعتني بالجوانب المعرفية والمهارية التي تمكن الطلاب من
اكتساب المعارف والقيام بالتجارب الفنية التي تنمي فيهم الإحساس الفني،
وتمدهم بالخبرة الجمالية، وتنمي ثقافتهم الفنية، وهذا كله يسهم في بناء
شخصياتهم وتنمية قدراتهم على التفكير الإبداعي وإثراء الوعي الجمالي لديهم،
وتكوين مجتمع قادر على فهم اللغة الفنية للرسائل التي ويود الفنان إيصالها
مما يساهم في تغيير سلوكه بالاتجاه المطلوب، ونقل خبرات الفنان بطريقة
صحيحة للمتلقي ويجب أن يراعي عند تطبيق هذه المنهج التركيز على الثقافة
العربية الإسلامية مع باقي الثقافات واختيار منها ما يلائم مع ثقافتنا
وعاداتنا وديننا.
التوصيات
من خلال ما سبق توصي الدراسة بما يلي:
1. تحديث مناهج التربية الفنية في التعليم العام بالمملكة العربية السعودية من خلال النظريات الحديثة كنظرية (DBAE) مما ينمي الثقافة الفنية للمجتمع ويزيد من فهمه للغة.
2. ضرورة تنبيه المجتمع لأهمية التربية الفنية في تربية النشء.
3. ضرورة إقامة الدورات التدريبية لمعلمي التربية الفنية لمعرفة الاتجاهات الحديثة في تدريس التربية الفنية ومن ضمنها نظرية (DBAE).
4. ضرورة الاهتمام بالبيئة الفنية من خلال تزويدها بالخامات الأدوات والوسائل الفعالة لتكوين الثقافة الفنية الصحيحة للنشء.
5. زيادة الوقت المخصص لتدريس التربية الفنية في جميع مراحل التعليم لتحقيق الفائدة المرجوة.
المراجع
1. باقادر، أبو بكر أحمد: (الفن والمجتمع) مجلة المنهل، مجلد 46، ص50، 1984.
2. البهنسي، عفيف: (النقد الفني وقراءة الصور)، دار الكاتب العربي، القاهرة، 1997م.
3. الثقة، عدنان بن حسين: (وضع خطط تدريس مقترحة في التربية الفنية وفقاً لنظرية DBAE باستخدام الحاسب الآلي)، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، كلية التربية، قسم التربية الفنية، 1422هـ.
4. رشيد عدنان: (دراسات في علم الجمال)، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1985م.
5. الرصيص، محمد: (النقد الفني في نظرية الفن بوصفه مادة دراسية في التربية الفنية DBAE: دليل المعرض السنوي العام الثامن عشر لطلاب وطالبات قسم التربية الفنية) مطابع جامعة الملك سعود، الرياض، 1416هـ.
6. ريد، هربرت: (تعريف الفن)، ترجمة زكريا إبراهيم، د. ت.
7. الزهراني، علي: (تاريخ التربية الفنية ونظرياتها) دار المسافر للنشر والتوزيع، جدة، 1996م.
8. الزهراني، أحمد: (الفن التشكيلي رسالة أم مجرد ديكور)، مجلة الإعلام والاتصال، العدد 1، س1، أكتوبر 1998م.
9. الشهري،
عبد الله ظافر: (واقع التربية الفنية في التعليم العام بالمملكة العربية
السعودية)، إصدارات مركز البحوث بكلية التربية، جامعة الملك سعود، الرياض،
1422هـ.
10. الضويحي،
محمد حسين: (نظرية التربية الفنية المبنية على الفن بوصفه مادة دراسية
وإمكانيات تطبيقها في مدارس المملكة العربية السعودية)، د. ت.
11. عبد الحميد، شاكر: (العملية الإبداعية في فن التصوير)، عالم المعرفة، ع109، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1987م.
12. عجوة، علي وآخرون (مقدمة في وسائل الاتصال)، مكتبة مصباح جدة، 1989م.
13. عزام، أبو العباس محمود: (التذوق ولنقد الفني في النفون التشكيلية) المفرد للنشر والتوزيع، الرياض، 1999م.
14. عزام، أبو العباس محمود: (تاريخ التربية الفنية ونظرياتها)، دار ابن سيناء للنشر، الرياض، 1419هـ.
15. على، أحمد رفقي: (التذوق والنقد الفني)، المفردات للنشر والتوزيع، الرياض، 1998م.
16. عمرو،
كايد: (الاتجاهات المعاصرة في التربية الفنية) مجلة دراسات، م29، ع1،
جامعة اليرموك، عمادة البحث العلمي والدراسات، الأردن، 2002م.
17. العمود، يوسف إبراهيم: (علم الجمال في نظرية الفن بوصفه مادة دراسية في التربية الفنية (DBAE): دليل المعرض السنوي العام الثامن عشر لطلاب وطالبات قسم التربية الفنية)، مطابع جامعة الملك سعود، الرياض، 1416هـ.
18. عودة: محمود (أساليب الاتصال والتغير الاجتماعي)، دار النهضة العربية، بيروت، 1988م.
19. الغامدي،
أحمد محمد، (دور النقد والتذوق الفني في إنماء الثقافة الفنية ضمن دروس
التربية الفنية في مدارس التعليم العام في المرحلة المتوسطة) رسالة
ماجستير، جامعة أم القرى، كلية التربية، قسم التربية الفنية، مكة المكرمة،
1420هـ.
20. فضل،
محمد عبد المجيد، (تاريخ الفن والحضارة في فلسفة التربية الفنية المبنية
على الفن بوصفه مادة دراسية: دليل المعرض السنوي العام الثامن عشر الطلاب
قسم التربية الفنية)، مطابع جامعة الملك سعود، الرياض، 1416هـ.
21. فلمبان،
مريم حسن، (تطوير منهج التربية الفنية للمرحلة الثانوية للطالبات في ضوء
الاتجاه القائم على المفاهيم المعرفية)، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى،
2002م.
22. آل قماش، قماش على حسين: (تحليل برنامج التربية الفنية بكليات المعلمين في ضوء الاتجاه التنظيمي (DBAE) رسالة ماجستير جامعة أم القرى، كلية التربية، قسم التربية الفنية، 2005م.
23. المغربي،
عبد الرحمن يحي: (العوامل المؤثرة في عملية الاتصال المباشر بين المتلقي
والعمل الفني التشكيلي)، رسالة ماجستير، كلية التربية،جامعة أم القرى،
1422هـ.
24. النجادي،
عبد العزيز راشد: (رؤية جديدة في تطوير مناهج التربية الفنية في التعليم
العام بالمملكة العربية السعودية)، مجلة الملك سعود السادس، الرياض، 1994م.
25. يونان، رمسيس: (دراسات في الفن)، دار الكتاب العربي، د. ت.
بقلم الياس معاد
إسمـي الياس معاد مـن مواليـد سنـة 1989 ،بلـدي هـو المغرب، أهتم بمجال الفنون كلها بحكم مساري الدراسي و شغفي بالفنون السبعخريج الجامعة المتعددة التخصصات بورزازات شعبة التقنيات السمعية البصرية ; و السينما تخصص الصوت و الصورة خريج المعهد المتخصص في مهن السينما شعبة محرك آلياتي وكهربائي -أستاذ التعليم الابتدائي بورزازات -طالب باحث في المدرسة العليا للأساتذة بماستر التعليم الفني و التربية الجمالية بمكناسروابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
URL | |
HTML | |
BBCode |
2 التعليقات:
هذا بحث للدكتورة نجلاء الرشيد .. لماذا لم بوثق اسم الباحثة!!
ستتم المحاسبة القانونية للسرقة الفكرية
إرسال تعليق